ما هو فحص الماموجرام لسرطان الثدي؟
كثيرا ما يُشاع على مسامعنا عند الحديث عن فحص سرطان الثدي "الماموجرام"، والتي تُوصى بها النساء فوق سن الثلاثين.
إلا أن هذا الاختبار القائم على الإشعاع قد يتسبب بتراجع الكثير من السيدات عن إجرائه، وبالتالي تأخير الكشف عن الإصابة بسرطان الثدي وصعوبة الشفاء التام منه إذا وصل لمراحله المتقدمة.
من هنا، ارتأينا أن نوضح لكِ عزيزتي كل ما تحتاجين معرفته حول ماهيّة الماموجرام، وأسباب عمل صورة الماموجرام، وآلية عمل الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي، بالإضافة إلى أضراره ومحاذير إجرائه...
ما هو الماموجرام؟
يُعرف الماموجرام بأنه فحص الثدي بواسطة الأشعة السينية، وهو من أفضل وأدق الوسائل التي تساعد في الكشف عن أمراض الثدي وتشخيصها عند النساء، خصوصاً عند ظهور أعراض؛ مثل التورم، أو الألم، أو إفرازات الحلمة، وبالتالي فإن هذا الفحص يساعد في تشخيص الإصابة بسرطانات الثدي والأورام الحميدة، بالإضافة إلى خرّاجات الثدي قبل اكتشافها من خلال اللمس.
ولكن هذا التصوير الشعاعي للثدي لا يمكن أن يُثبت ما إذا كانت منطقةٌ غير طبيعية سرطانية أم لا، وفي حال أثار هذا الجزء غير الطبيعي شكاً كبيراً لدى الأطباء بالإصابة بالسرطان، فحينها يلجؤون إلى إزالة الأنسجة من هذه المنطقة لأخذ خزعة، علماً أن إزالة الأنسجة تتم بواسطة الإبرة أو الخزعة الجراحية المفتوحة، ثم يتم فحص العيّنة تحت المجهر لتحديد ما إذا كانت خلاياها سرطانية أم حميدة.
ومن الجدير بالذكر، أن استخدام التصوير الشعاعي للثدي بدأ منذ حوالي 30 عاماً، وعلى مدار الـ15 عاماً الماضية، تطوّرت هذه التقنية ونتائجها بدرجةٍ كبيرة، إلا أن العديد من النساء يتساءلن: هل الماموجرام يسبب السرطان؟ وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول، إن ضغط الثدي بواسطة لوحَي الجهاز لا يُسبب انتشار السرطان في حال وجوده، كما أن المعدات المستخدمة في تصوير الأشعة السينية للثدي تُطلق جرعات منخفضة من الأشعة؛ لذا تُعتبر مخاطر الإشعاع ضئيلة في هذه التقنية، بل إن فوائد الكشف المبكر عن السرطان عن طريق الماموجرام تفوق الأضرار المحتملة للتعرض للأشعة.
وفيما يتعلق بالتصوير الشعاعي الرقمي للثدي أو ما يُعرف باسم الماموجرام الرقمي، فهو يُوفر صوراً إلكترونية يمكن تحسين جودتها بواسطة الحاسوب الآلي وتخزينها عليه، ونقلها إلكترونياً في حالة الرغبة بالاطلاع على صورة الثدي الشعاعية عن بُعد، علماً أن إجراء التصوير الشعاعي الرقمي للثدي يتم بشكلٍ أساسي بالطريقة ذاتها للتصوير الشعاعي القياسي للثدي، فيما يُتيح التصوير الرقمي تحسين صورة الثدي عبر الكمبيوتر، وهو يُستخدم بشكلٍ كبير للسيدات دون سن الخمسين عاماً، وكذلك النساء ذوات الأنسجة الكثيفة للثدي، بالإضافة إلى النساء في فترة ما قبل انقطاع الطمث.
وبعد التقاط الصورة الشعاعية، تتم الاستعانة بأنظمة الكشف في الكمبيوتر (CAD) لتحليل الصورة بواسطة أخصائي الأشعة، سواءً كانت الصورة مُلتقطة بالتصوير التقليدي (باستخدام الأشعة السينية) أو التصوير الرقمي (الذي يعمل على تحويل الأشعة السينية إلى إشارات كهربية، ثم تخزينها على جهاز الحاسوب)، وبذلك يمكن الكشف عن ماهية الكتل أو التكلسات أو مناطق الكثافة غير الطبيعية التي قد تُنذر بوجود خلايا سرطانية في الثدي. وبذلك نكون قد أوضحنا لكِ ما هو الماموجرام؟ وفيما يلي نتطرّق إلى ذكر أنواعه:
أنواع فحص الماموجرام:
النوع الأول: يتم فيه تصوير الثدي بالأشعة السينية للكشف عن التغيرات الحاصلة في الثدي لدى النساء اللاتي لم تظهر لديهن أي أعراض للإصابة بسرطان الثدي، وعادةً ما يتم إجراء صورتين بالأشعة السينية لكل ثدي في هذه الحالة، علماً أن هذا الفحص يُفيد في الكشف عن الورم الذي لا تشعر به المرأة وليست له أي علامات.
النوع الثاني: وهو يعتمد على تصوير الثدي بالأشعة السينية "التشخيصية"، ويتم اللجوء إليه بهدف تشخيص التغيرات غير العادية في الثدي؛ بما في ذلك ظهور الكتل، أو التغيّر في حجم الثدي أو شكله، أو الشعور بالألم، أو السماكة، أو الإفرازات من الحلمة، كما يُستخدم هذا الفحص لتقييم العيوب المُكتشفة في تصوير الثدي بالأشعة السينية، وهذه الأداة مناسبة للنساء اللاتي لاحظن حدوث تغيّرات في الثدي، بغض النظر عن عمر المرأة.
آلية عمل الماموجرام:
يتم إجراء فحص الماموغرام عن طريق آلة مصممة للنظر إلى أنسجة الثدي فقط، والتي تقوم بأخذ صور للثدي بواسطة الأشعة السينية، ولكن بجرعات أقل من الأشعة السينية العادية، ويحتوي جهاز الماموجرام على لوحتين تضغطان على الثدي أو تعملان على تَسْطِيحه؛ بهدف فصل الأنسجة عن بعضها البعض؛ وذلك لأن هذه الأشعة السينية لا تمر عبر الأنسجة بسهولة، وبالتالي فإن هذا الاختبار يُعطي صورةً أفضل، وفي الوقت نفسه، يستخدم الإشعاع بكميةٍ أقل.
متى يجب عمل صورة الماموجرام؟
إذا كنتِ تتساءلين: متى يجب عمل صورة الماموجرام؟ فإليكِ جميع الأسباب والحالات التي تستدعي إجراء هذا الفحص الذي يُستخدم عادةً إما للفحص العادي أو لتشخيص الأعراض:
وجود عامل لارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي، لا سيما النساء اللاتي لديهن تاريخ من الإصابة بسرطان الثدي واللاتي ينبغي عليهن إجراء فحص ماموجرام بشكلٍ دوري؛ للاطمئنان على صحة الثديين.
تقييم ألم الثدي في الحالات التي يكون فيها الفحص البدني غير حاسم، خصوصاً عند فحص النساء ذوات الأثداء الكبيرة جداً أو الكثيفة أو المُتكتّلة، ففي هذه الحالة يكون الفحص البدني صعباً، ويتم اللجوء إلى التصوير الإشعاعي لرؤية أنسجة الثدي بوضوح.
بلوغ سن الثلاثين، خصوصاً إذا كانت هناك علامات على الثدي؛ مثل كتلة محسوسة، أو سماكة أو تجويف في جلد الثدي، أو ألم في الثدي، أو وجود إفرازات من الحلمة، أو التهاب أو تآكل في الحلمة أو انكماشها.
بلوغ سن الأربعين وما فوق، إذ ينبغي على السيدات في هذا العمر أن يخضعن لتصوير الثدي الشعاعي بانتظام (كل عام إلى عامين).
أسباب أخرى تجعل الطبيب المعالج يوصي بإجراء الماموجرام.
نصيحة:
إذا كنتِ من النساء الأكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي (سواءً لوجود تاريخ عائلي، أو أسباب وراثية، أو بسبب وجود إصابة سابقة بسرطان الثدي)، فاحرصي على استشارة الطبيب المعالج حول إمكانية بدء فحص الثدي بالتصوير الشعاعي في وقتٍ مبكر وعدد مرات التصوير، وفيما إذا كان من الضروري إجراء اختبارات إضافية؛ مثل الموجات فوق الصوتية للثدي، أو التصوير بالرنين المغناطيسي أيضاً.
الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي:
إن أهم ما يُميز فحص الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي هي قدرته على اكتشاف السرطان في المراحل المبكرة عندما يكون حجمه صغيراً وحتى قبل الشعور بألم أو الإحساس بوجود كتلة في الثدي، وبالتالي تكون نسبة الشفاء من المرض أعلى في هذه المرحلة.
وعلى الرغم من أن صور الثدي الشعاعية لا يمكنها إثبات أن المنطقة غير الطبيعية هي منطقة سرطانية، إلا أنها تساعد الأطباء على تحديد الأجزاء والتغيرات غير الطبيعية (التكلّسات والكتل)، كما تساعدهم في معرفة ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من الاختبارات.
استخدامات فحص الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي:
فحص تصوير الثدي بالأشعة السينية:
وهو يُستخدم للكشف عن علامات سرطان الثدي لدى النساء اللاتي ليست لديهن أي أعراض أو مشاكل في الثدي، بحيث تُؤخذ صور الأشعة لكل ثدي من زاويتين مختلفتين.
فحص تصوير الثدي بالأشعة التشخيصية:
ويتم إجراء هذا الفحص للكشف عن صحة الثدي وتشخيص حالته إذا كانت المرأة تعاني من أعراض لسرطان الثدي أو في حال ظهور تغيير في تصوير الثدي بالأشعة السينية، ويُسمى هذا الفحص "تصوير الثدي بالأشعة السينية التشخيصية"، علماً أنه قد يتضمّن صوراً إضافية للثدي لم يشملها فحص تصوير الثدي بالأشعة السينية، كما أن التصوير الشعاعي التشخيصي يُستخدم أحياناً لفحص النساء الناجيات من سرطان الثدي سابقاً.
محاذير عمل صورة الماموجرام:
بما أن الماموجرام يعتمد في آلية عمله على الأشعة السينية، فإن معظم السيدات يقلقن من التعرض للإشعاعات وهذا قد يؤخر الكشف عن إصابتهن بالسرطان إلى مراحل متأخرة؛ لذا نعرض لكِ فيما يلي أبرز محاذير عمل صورة الماموجرام:
1- قد تكون هناك بعض المخاطر الناتجة عن فحص الماموجرام حسب حالتكِ الطبية؛ لذا ناقشي طبيبكِ بأي مخاوف لديكِ قبل إجراء هذا الاختبار.
2- يمكن أن تتداخل بعض الظروف أو العوامل مع تصوير الثدي بالأشعة السينية؛ وأبرزها ما يلي:
مزيل العرق.
بودرة التلك.
الكريمات والمستحضرات التي تُوضع تحت الإبطين أو على الثديين.
حدوث تغيرات هرمونية في الثدي.
الخضوع لجراحة الثدي في السابق.
غرسات الثدي (حشوات الثدي)؛ فهي قد تُخفي بعض أنسجة الثدي وتمنع وضوح الثدي بالكامل، ما قد يجعل رؤية سرطان الثدي عند النظر إلى صور الماموجرام أمراً صعباً على أخصائي الأشعة، وفي هذه الحالة ينبغي الاستعانة بتقني أشعة سينية مدرب على العمل مع مرضى زراعة الثدي.
نصيحة:
احتفظي بسجلّك التاريخي المتعلق بالتعرض للإشعاع؛ بما في ذلك عمليات المسح السابقة التي خضعتِ لها، وأنواع أخرى من الأشعة السينية؛ حتى تُبلغي الطبيب المعالج بذلك وتحصلي على استشارته الدقيقة قبل فحص الماموجرام؛ تفادياً لحدوث أي أضرار أو مضاعفات جراء التعرض للإشعاعات.
الماموجرام والحمل:
إذا كنتِ حاملاً أو لديكِ شك باحتمالية أن تكوني حاملاً، فعليكِ إخبار الطبيب المعالج بذلك قبل إجراء الماموجرام؛ لأن التعرض للإشعاع أثناء الحمل قد يتسبب بتشوّهات خَلقية لدى الجنين.
ولكن إذا كانت هناك ضرورة قصوى لإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية أثناء الحمل، فسيعمل الطبيب حينها على اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحالتكِ بهدف تقليل تعرض الجنين للأشعة.
الماموجرام والرضاعة:
تُعتبر الإصابة بسرطان الثدي لدى المرأة المُرضع نادرةً للغاية، وبالرغم من ذلك، قد تحدث الإصابة؛ لذا فإن أي تغيرات في الثدي أو الحلمة يجب إعطاؤها أهميةً كبيرة كما لو كنتِ لستِ مُرضعة، علماً أن هناك علاقة وثيقة بين ممارسة الرضاعة الطبيعية وانخفاض معدل الوفيات من بين المصابات بسرطان الثدي.
وإذا كنتِ تحتاجين إلى تصوير الثدي بالأشعة السينية أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، فيمكنكِ إجراء هذا الفحص، مع ضرورة التنويه إلى أن إنتاج الحليب في ثدييكِ يجعل الأنسجة أكثر كثافة مقارنةً بالثدي غير المرضع، وهذا ربما يجعل قراءة نتائج الاختبار صعبة إلى حدٍّ ما، وإذا رغبتِ بتقليل كمية الحليب في ثدييكِ قبل التصوير الشعاعي، فيمكنكِ إرضاع طفلكِ مباشرةً قبل الذهاب إلى عيادة الفحص بالماموجرام.
وفيما يتعلق بتأثير الماموجرام على حليب الأم، فاعلمي أن الأشعة السينية لا تؤثر على الحليب؛ لذا يمكنكِ مواصلة الرضاعة الطبيعية فوراً بعد التصوير الشعاعي للثدي، ولكن إذا كان الورم الذي اكتشفتِه في الثدي يتطلب فحصاً أدق؛ مثل أخذ خزعة أو إجراء عملية جراحية، فقد تحتاجين إلى تعديل أوضاع الرضاعة الطبيعية لبعض الوقت؛ تفادياً للضغط على المنطقة المؤلمة في ثديكِ.
وبشكلٍ عام، عليكِ أن تستشيري الطبيب المعالج وأخصائي الأشعة الخبير بقراءة صور الثدي الشعاعية للنساء المرضعات؛ حتى تتأكدي من مأمونية الإجراء، ولتتعرّفي على خيارات الفحص الأخرى المتاحة لكِ في حال لم ترغبي بالخضوع للماموجرام.
أضرار الماموجرام:
قد يتسبب التصوير بالأشعة السينية ببعض الآثار الجانبية في حالاتٍ معينة؛ لذا نذكر لكِ فيما يلي أهم أضرار الماموجرام:
ترتبط مخاطر التعرض للإشعاعات بالعدد التراكمي لفحوصات الأشعة السينية والعلاجات على مدار فترة زمنية طويلة؛ لذا احرصي على الاحتفاظ بتاريخكِ السابق حول التعرض للإشعاع؛ مثل عمليات المسح السابقة التي مَرَرْتِ بها، وأنواع أخرى من الأشعة السينية؛ حتى تُخبري طبيبكِ المعالج قبل إجراء فحص الماموجرام؛ تفادياً لحدوث أي أضرار صحية.
قد يتسبب فحص الماموجرام بالشعور ببعض الانزعاج؛ بسبب ضغط الثدي بين لوحتي الجهاز أثناء التصوير، علماً أن هذا الضغط لا يؤذي الثدي.
تشوهات خلقية للجنين؛ لذا لا تُنصح النساء الحوامل بالخضوع لفحص الماموجرام.
من المُحتمل أن تحدث مخاطر أخرى حسب الحالة الطبية؛ لذا عليكِ أن تُناقشي أي مخاوف لديكِ مع الطبيب المعالج قبل إجراء التصوير الإشعاعي.
وبعدما قدّمنا لكِ أهم المعلومات حول فحص الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي، ومحاذير عمل صورة الماموجرام، ننصحكِ باستشارة الطبيب المختص؛ حتى يُرشدكِ للخيار الأفضل لفحص الثديين بما يتناسب مع حالتكِ الصحية. (ليالينا)